الاثنين 29 أبريل 2024, 03:32

سياسة

تحليل: ملفات حسّاسة تُغرق علاقات فرنسا والمغرب في مستنقع


كشـ24 نشر في: 17 أغسطس 2022

الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها عادة رؤساء فرنسا بعد انتخابهم إلى المنطقة المغاربية، تتنافس عليها الرباط والجزائر. ولأن علاقات الجارين المغاربيَين تتسم في معظم الأحيان منذ استقلالهما بالتوتر، فإن العلاقة مع مستعمرهما الفرنسي تظل مؤشرا مهما لقياس حرارة الأجواء في علاقات باريس بكل منهما على حدة.ويختار بعض الرؤساء الفرنسيين تونس كأول وجهة مغاربية عندما يشتد الاستقطاب بين الجزائر والمغرب.بعد توليه الرئاسة سنة 2017 كانت الرباط أول وجهة مغاربية للرئيس إيمانويل ماكرون في منتصف يونيو، ووصفت بـ"زيارة صداقة خاصة". ثم قام بزيارة رسمية إلى الجزائر في بداية ديسمبر 2018.وتقليديا يدير قصر الإليزيه لعبة توازن دقيقة بين الشقيقين اللدودين، بيد أن الإعلان في باريس عن توجه الرئيس ماكرون بعد اعادة انتخابه في أول زيارة له إلى الجزائر يومي 25 و26 غشت، في ظل برود تشهده العلاقات مع الرباط، وتتحدث بعض الأوساط القريبة من دوائر القرار في الرباط عن "أزمة صامتة" بين البلدين، يثير تساؤلات لدى المراقبين حول مدى حدة الخلافات بين الشريكين التقليديين في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط، وسيناريوهات تطورها.مؤشرات برود في العلاقاتمنذ اعادة انتخابه في مايو الماضي لم يجر بين الرئيس ماكرون والعاهل المغربي الملك محمد السادس أي لقاء رسمي أو خاص معلن، حتى أثناء زيارة خاصة قام بها الملك محمد السادس إلى فرنسا في يونيو الماضي، ودامت أسابيع وذُكر بأنها "لأسباب خاصة" يرجح أن تكون لمتابعة الحالة الصحية لأحد أفراد الأسرة الملكية.وقبل بضعة أسابيع وجه نواب في البرلمان المغربي سؤالا إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة حول ما وصفت بـ"أزمة التأشيرات". وتفيد تقارير بأن 70 في المائة من طلبات التأشيرات التي يتقدم بها مغاربة يتم رفضها من طرف القنصليات الفرنسية في المغرب.ويثير هذا الموضوع قلقا لدى شرائح واسعة من المغاربة تشكل فرنسا مقصدا أساسيا في الخارج بالنسبة إليهم، إذ يقدر سنويا عدد المغاربة الذين يحصلون على تأشيرات (سياحة أو عمل) بحوالي 300 ألف شخص.وفي تعليقها على هذا الموضوع تكتفي الجهات الرسمية الفرنسية بالإشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية منذ سبتمبر من العام الماضي بتشديد حصول مواطني المغرب والجزائر ( تقليص بنسبة 50 في المائة) وتونس (30 في المائة) على تأشيرات الدخول إلى فرنسا، وتبرر ذلك بـ"رفض هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها الذين يوجدون في فرنسا بشكل غير قانوني".بيد أن الموضوع بات يأخذ طابعا أكثر حساسية مع المغرب، حيث يتحدث برلمانيون وإعلاميون عن رسوم تأخذها القنصليات من مقدمي طلبات تأشيرة مرفوضة، واتساع رفض طلبات التأشيرات ليشمل فئات من أصحاب الأعمال والوفود التي تشارك في مؤتمرات مهنية مثل الأطباء.وضمن الفئات الأكثر تذمرا من إجراءات القنصليات الفرنسية، وزراء ونواب سابقون، يوجهون انتقادات لحكومتهم الحالية بسبب صمتها على ما يرون بأنها إجراءات تنطوي على "إهانة للمغاربة".وثمة ملف آخر يكتسي حساسية خاصة وقد طفى منذ أكثر من سنتين على السطح في العلاقات الفرنسية المغربية، ويتعلق بتقارير نشرت حول استخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي للتجسس على شخصيات فرنسية تشمل الرئيس ماكرون نفسه وأعضاء في حكومته، لحساب الاستخبارات المغربية، في حين تنفي الرباط هذه المزاعم.ورفع المغرب دعاوى ضد وسائل إعلام أوروبية اتهمته ومنها صحيفة "لوموند" الفرنسية المرموقة، ومن جهتها طالبت النيابة العامة في باريس برفض الدعوى لأن الدول لا يمكنها اللجوء إلى القضاء الفرنسي بتهمة التشهير.ويبدو أن الملف ما يزال يلقي بظلال ثقيلة على علاقات المسؤولين في باريس والرباط، ليس فقط باعتبارها ضربة لدرجة الثقة العالية بين دولتين تربطهما علاقات شراكة وثيقة، بل أيضا لما يمكن أن يُفهم من المنظور الفرنسي على أنه مؤشر في تراجع مكانة فرنسا الاستراتيجية بالنسبة للمغرب.فهل تشهد علاقات البلدين بالفعل تغيرات جوهرية وفي أي اتجاه يمكن أن تكون تطوراتها على الصعيدين الثنائي والإقليمي؟خلفيات توتر "صامت"بحكم رصيدها التاريخي والبشري وكثافة مجالاتها باتت علاقات الشراكة بين فرنسا والمغرب تتجاوز الأبعاد التقليدية في علاقات الدول، إذ يعتبر المغرب حليفا تقليديا ثابتا بالنسبة لفرنسا في القارة الأفريقية، ويوجد به أكبر جالية فرنسية في الخارج، وتحظى الشركات الفرنسية (أكثر من ألف شركة) بأفضلية كبيرة في السوق المغربية ولاسيما في القطاعات الأكثر حيوية في الاقتصاد المغربي، ويأتي المغرب ضمن أفضل وجهات سياحية لدى الفرنسيين، بعد إسبانيا واليونان وجزر موريس (المحيط الهندي).كما يحظى المغرب في فرنسا بمكانة خاصة، ففضلا عن كونها تستقبل أكبر جالية مغربية في الخارج (1,5 مليون شخص) وهي ثاني أكبر جالية أجنبية بفرنسا بعد الجزائريين.ولدى باريس والرباط، مداخل كبيرة في التأثير المتبادل على القرار السياسي، فكما لدى فرنسا شبكات نفوذ تقليدية واسعة داخل النخب السياسية والفكرية المغربية، طوّر المغرب عبر التاريخ مراكز نفوذ وجماعات ضغط مؤثرة في السياسة الفرنسية. كما تشكل العلاقات الخاصة والكيمياء بين ملك المغرب وساكن قصر الإليزيه عاملا أساسيا في استقرار علاقات البلدين أو اضطرابها.بيد أن عمق وكثافة العلاقات المغربية الفرنسية، لم يمنع من تعرضها تاريخيا إلى أزمات وكان معظمها في عهد الحكومات الإشتراكية بفرنسا (فرانسوا ميتران مثلا) ومن أهم العناصر المؤثرة في مراحل الاضطراب التي شهدتها العلاقات، ملفات الصحراء المغربية والمصالح الاقتصادية والأمنية.ورغم حساسية ملفي التأشيرات والتجسس، فإن تجاوزها لا يبدو مستعصيا على آليات احتواء المشاكل بين الرباط وباريس، مما يرجح برأي مراقبين وجود عناصر خلافية أخرى أكثر عمقا في بنية العلاقات.ومنذ وصول الرئيس ماكرون للحكم (سنة 2017) شهدت العلاقات حالة تذبذب وتراجع خصوصا بالقياس لفترات نموها في عهد الرئيسين المحافظين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ويمكن رصد ملامحها في المعطيات التالية:أولا، تراجع مكانة فرنسا كشريك للمغرب: بدأت في السنوات الأولى بوتيرة قوية ظهرت في تطور العلاقات الاقتصادية وضخ استثمارات فرنسية كبيرة في قطاعات أساسية كالصناعة والنقل والسياحة والخدمات. لكن مكانة فرنسا كشريك تجاري واقتصادي تراجعت إلى المركز الثاني، لحساب إسبانيا.ثانيا: تزامن وصول الرئيس ماكرون إلى قصر الإليزيه مع عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي بعد قطيعة دامت ثلاثين عاما، وخلال سنوات قليلة قفز المغرب إلى مراكز متقدمة في لائحة الدول المستثمرة في القارة الأفريقية.وما قد يثير فرنسا، كما يقول بعض الخبراء الفرنسيين، ليس تزايد النفوذ المغربي لأن فرنسا نفسها تستفيد منه عندما تعتمد على المغرب كقاعدة نحو السوق الأفريقية، بل أن يتم النشاط المغربي في مناطق نفوذ تقليدي لفرنسا، مثل غرب أفريقيا حيث تتنامى في عدد من دولها نزعات مناوئة لمستعمرها الفرنسي السابق.وثانيا أن يكون جانب من ذلك النشاط ضمن شراكات مع قوى أخرى منافسة لفرنسا في القارة الأفريقية، مثل الدول الخليجية والولايات المتحدة وتركيا. إضافة لمحاور تعاون اقتصادي مغربي أيضا مع كل من الصين وروسيا، أشرس منافسي فرنسا في مناطق نفوذها التقليدي بالقارة السمراء.ثالثا: يميل عدد من المراقبين إلى رصد مظاهر برود فرنسي إزاء خطوة المغرب بتوقيع الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل والولايات المتحدة في اغسطس 2020، وهو برود لا يمكن تصوره كرد فعل إزاء إقدام المغرب على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بل يمكن فهمه في سياق ملفين حسّاسين بالنسبة لفرنسا وللمغرب في نفس الوقت.الملف الأول يرتبط بتداعيات اعتراف الولايات المتحدة (في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب) بسيادة المغرب على الصحراء المغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو. وخصوصا تداعيات هذا الاعتراف على الصعيد الأوروبي، إذ كانت الرباط تنتظر من حليفتها التاريخية دعما في إحداث تحول مشابه في الموقف الأوروبي من ملف الصحراء.ولم تبد باريس أي إشارات تجاوب مع الانتظارات المغربية، في الوقت الذي ظهرت فيه تطورات في مواقف شركاء أوروبيين (ألمانيا وإسبانيا) لهم ثقلهم في سياسة الإتحاد الأوروبي إزاء هذا الملف.وفي بداية السنة الحالية، خصص البرلمان الفرنسي جلسة مناقشة لموضوع "حصيلة تحركات فرنسا من أجل احترام القانون الدولي: حالة الصحراء المغربية"، الجلسة تمت بدعوة من الفريق النيابي لليسار وجرت بحضور ممثلين عن جبهة البوليساريو.وخلال الجلسة أكد جون بابتيست لموين، كاتب الدولة الفرنسي في السياحة والفرنسيين وراء البحار والفرنكفونية، أن بلاده تدعو إلى حل سياسي توافقي بين أطراف النزاع، يستند إلى مقررات الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.وشدد المسؤول الفرنسي، على تقيد السياسة الأوروبية (ترأست فرنسا الاتحاد الأوروبي خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام) بمقررات محكمة الدول الأوروبية فيما يتصل بعدم سريان اتفاقيات الشراكة المغربية الأوروبية على الصحراء. ولم يتطرق المسؤول الفرنسي عن دعم بلاده التقليدي في مجلس الأمن الدولي لمقترح المغرب بإقامة حكم ذاتي موسع في الصحراء المغربية.وتتسم النبرة الفرنسية الرسمية إزاء ملف الصحراء في الآونة الأخيرة ببرودة ملحوظة، مقارنة بمواقف فرنسا الداعمة تاريخيا للمغرب عسكريا ودبلوماسيا. وهي مواقف طالما تلقت بسببها باريس انتقادات من جبهة البوليساريو والجزائر.وثمة ملف ثان على صلة بتداعيات الاتفاق الثلاثي المغربي الإسرائيلي الأمريكي، فمنذ توقيعه تعمقت الشراكة الاستراتيجية والأمنية بين المغرب وكل من إسرائيل والولايات المتحدة، عبر اتفاقيات استراتيجية ومناورات عسكرية مشتركة واقتناء المغرب لمنتوجات السلاح الأمريكي والإسرائيلي، وصولا إلى تطوير صناعات عسكرية مشتركة إسرائيلية مغربية.وهو اتجاه يصب في بناء تحالف أمني واستراتيجي جديد، في غياب فرنسا، وبمنطقة تعتبرها منطقة نفوذ تقليدي.خلافات مغربية فرنسية في زمن صعبالخلافات بين باريس والرباط، سواء كانت معلنة أو صامتة، تطال ملفات حسّاسة بالنسبة للجانبين، وتأتي في فترة صعبة ومتغيرات دراماتيكية في الأوضاع الإقليمية والعالمية. ففي أوجّ حرب أوكرانيا ارتفعت حدة الاستقطاب أيضا في منطقة شمال أفريقيا، ليس فقط بسبب نزاع الجارين المغرب والجزائر وتزايد شراسة المنافسة بين القوى الغربية من جهة والصين وروسيا من جهة ثانية، بل أيضا بسبب تضارب سياسات الثلاثي: فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.ارتفعت حدة التوتر بين المغرب والجزائر وتداعياته على ملف الصحراء المغربية؛ ورغم تزايد مخاطره المحتملة على أوروبا، اتسمت سياسات العواصم الأوروبية إزاءها بتضارب ملحوظ. وظهرت مؤشرات على عجز أوروبا سواء كتكتّل أو كدول رئيسية مثل فرنسا أو ألمانيا، على القيام بدور مؤثر في تسوية أزمات حسّاسة بجوارها الجنوبي، تكاد تتحول إلى حرب مدمرة على الإقليم وبمثابة قنبلة موقوتة على أمن أوروبا.وقد حذر تقرير للبرلمان الفرنسي صدر في فيبراير شباط الماضي، من احتمال حدوث مواجهة محدودة بين المغرب والجزائر.ففي الوقت الذي تحتاج فيه الدول الأوروبية إلى سياسة مشتركة وخصوصا إزاء القضايا الاستراتيجية الكبرى وملف أمن الطاقة، وهي في أشد الحاجة إليها تحت وطأة الضغوط الروسية، تبدو مواقف فرنسا وإسبانيا أبعد ما يكون عن التوافق أو التنسيق إزاء ملف الخلاف المغربي الجزائري وتداعياته على نزاع الصحراء. كما تتباين سياسات فرنسا وإيطاليا إزاء تطورات الأزمة الليبية.وقد لاحظ الصحفي السويسري الخبير في العلاقات المتوسطية، أندريس ويسلينغ في مقال له بصحيفة "نوير تسوريشه تسايتونغ" في عددها ليوم 27 يوليو 2022، التضارب الشديد في سياسات الثلاثي: فرنسا وإيطاليا وإسبانيا في قضايا حساسة كالأمن والطاقة بشمال أفريقيا.وفي مقاله بعنوان :"Mare nostrum ماري نوستروم – كما كان ذات يوم، يجد الأوروبيون صعوبة في تأكيد مصالحهم في شمال أفريقيا"، الذي ضمنه التسمية الرومانية القديمة لحوض البحر الأبيض المتوسط، معتبرا أن هذه البلدان الأوروبية تنتهج سياسة "المنافسة فيما بينها بدل مفهوم السياسة المشتركة". وأشار إلى تضارب التحالفات والتحركات الفرنسية والإيطالية في الملف الليبي، وإلى تضارب السياستين الفرنسية والإسبانية إزاء نزاع الصحراء.ويرى ويسلينغ بأن الدول الأوروبية الثلاث طالما ألقت باللوم على الشركاء الأوروبيين في الشمال بأنهم لا يقدمون الدعم الكافي لها في مواجهة التحديات الأمنية ومشاكل الهجرة بالبحر الأبيض المتوسط، إلا أن المسؤولية الأكبر في فشل السياسة المتوسطية الأوروبية تقع على الدول الثلاث بسبب نهجها سياسات تقوم على المنافسة إلى حد التضارب.وهو رأي يؤكده الواقع نسبيا، خصوصا في السنوات الأخيرة، بينما كانت دول الشمال الأوروبي، في عقد التسعينيات وبداية الألفين، تضع أولوياتها في شرق أوروبا، قبل أن توجه ألمانيا مثلا بوصلتها نحو القارة الأفريقية.وبرأي محللين فإن تضارب السياسات الأوروبية ساهم في فتح ثغرات استراتيجية في جنوب البحر الأبيض المتوسط، من جهة لقوى منافسة للأوروبيين، كالحلفاء الأمريكيين والإسرائيليين والأتراك، أو المنافسين اللدودين: الصين وروسيا، لإحداث تقدم ملحوظ في شراكاتهم مع دول المنطقة، عبر اتفاقيات عسكرية وأمنية أو عبر صفقات وحضور عسكري، يمتد من شمال أفريقيا إلى جنوب الصحراء الأفريقية.ويشكل الملفان الليبي والمالي، المثالين الأبرز على الاختراق الأمني الذي حققه مرتزقة شركة فاغنر الروسية هناك، وكيف بات يشكل تحديا أمنيا يؤرّق العواصم الأوروبية وتزايدت مؤشرات الضغوط عليها بإعلان فرنسا سحب قواتها وقواعدها في شمال مالي وإنهاء عملية"برخان" لحفظ السلام ومكافحة الجهاديين في منطقة الساحل الأفريقي. كما أعلنت ألمانيا الأسبوع الماضي تعليق عمليات قواتها العسكرية هناك.ومن جهة ثانية، تزايد نزعات دول مثل المغرب والجزائر، لإظهار إستقلاليتها أكثر عن حلفائها التقليديين في أوروبا وعلى رأسهم فرنسا.ووسط سعيها عن كثب للحفاظ على مكانتها في المنطقة أو على الأقل تقليل خسائرها الاستراتيجية، تبدو فرنسا تحت وطأة مزيد من الضغوط، ولاسيما إذا سارت منفردة في غياب سياسة أوروبية منسقة، وقد تحتاج إلى معجزة للحفاظ على لعبة التوازن المعقدة في علاقاتها مع الرباط والجزائر.فالرئيس ماكرون وهو في طريقه نحو الجزائر يواجه تراكمات التاريخ ويحاول فكّ عُقد الحاضر وكسب مصالح جديدة في الطاقة والصناعة وصفقات السلاح، يدرك أن علاقات بلاده الوثيقة تاريخيا مع المغرب تبدو قابلة للإهتزاز في أي وقت تحت وطأة الخلافات حول ملفات حسّاسة هي أشبه بقنابل موقوتة قابلة للانفجار.المصدر: dw

الزيارة الرسمية الأولى التي يقوم بها عادة رؤساء فرنسا بعد انتخابهم إلى المنطقة المغاربية، تتنافس عليها الرباط والجزائر. ولأن علاقات الجارين المغاربيَين تتسم في معظم الأحيان منذ استقلالهما بالتوتر، فإن العلاقة مع مستعمرهما الفرنسي تظل مؤشرا مهما لقياس حرارة الأجواء في علاقات باريس بكل منهما على حدة.ويختار بعض الرؤساء الفرنسيين تونس كأول وجهة مغاربية عندما يشتد الاستقطاب بين الجزائر والمغرب.بعد توليه الرئاسة سنة 2017 كانت الرباط أول وجهة مغاربية للرئيس إيمانويل ماكرون في منتصف يونيو، ووصفت بـ"زيارة صداقة خاصة". ثم قام بزيارة رسمية إلى الجزائر في بداية ديسمبر 2018.وتقليديا يدير قصر الإليزيه لعبة توازن دقيقة بين الشقيقين اللدودين، بيد أن الإعلان في باريس عن توجه الرئيس ماكرون بعد اعادة انتخابه في أول زيارة له إلى الجزائر يومي 25 و26 غشت، في ظل برود تشهده العلاقات مع الرباط، وتتحدث بعض الأوساط القريبة من دوائر القرار في الرباط عن "أزمة صامتة" بين البلدين، يثير تساؤلات لدى المراقبين حول مدى حدة الخلافات بين الشريكين التقليديين في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط، وسيناريوهات تطورها.مؤشرات برود في العلاقاتمنذ اعادة انتخابه في مايو الماضي لم يجر بين الرئيس ماكرون والعاهل المغربي الملك محمد السادس أي لقاء رسمي أو خاص معلن، حتى أثناء زيارة خاصة قام بها الملك محمد السادس إلى فرنسا في يونيو الماضي، ودامت أسابيع وذُكر بأنها "لأسباب خاصة" يرجح أن تكون لمتابعة الحالة الصحية لأحد أفراد الأسرة الملكية.وقبل بضعة أسابيع وجه نواب في البرلمان المغربي سؤالا إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة حول ما وصفت بـ"أزمة التأشيرات". وتفيد تقارير بأن 70 في المائة من طلبات التأشيرات التي يتقدم بها مغاربة يتم رفضها من طرف القنصليات الفرنسية في المغرب.ويثير هذا الموضوع قلقا لدى شرائح واسعة من المغاربة تشكل فرنسا مقصدا أساسيا في الخارج بالنسبة إليهم، إذ يقدر سنويا عدد المغاربة الذين يحصلون على تأشيرات (سياحة أو عمل) بحوالي 300 ألف شخص.وفي تعليقها على هذا الموضوع تكتفي الجهات الرسمية الفرنسية بالإشارة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية منذ سبتمبر من العام الماضي بتشديد حصول مواطني المغرب والجزائر ( تقليص بنسبة 50 في المائة) وتونس (30 في المائة) على تأشيرات الدخول إلى فرنسا، وتبرر ذلك بـ"رفض هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها الذين يوجدون في فرنسا بشكل غير قانوني".بيد أن الموضوع بات يأخذ طابعا أكثر حساسية مع المغرب، حيث يتحدث برلمانيون وإعلاميون عن رسوم تأخذها القنصليات من مقدمي طلبات تأشيرة مرفوضة، واتساع رفض طلبات التأشيرات ليشمل فئات من أصحاب الأعمال والوفود التي تشارك في مؤتمرات مهنية مثل الأطباء.وضمن الفئات الأكثر تذمرا من إجراءات القنصليات الفرنسية، وزراء ونواب سابقون، يوجهون انتقادات لحكومتهم الحالية بسبب صمتها على ما يرون بأنها إجراءات تنطوي على "إهانة للمغاربة".وثمة ملف آخر يكتسي حساسية خاصة وقد طفى منذ أكثر من سنتين على السطح في العلاقات الفرنسية المغربية، ويتعلق بتقارير نشرت حول استخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي للتجسس على شخصيات فرنسية تشمل الرئيس ماكرون نفسه وأعضاء في حكومته، لحساب الاستخبارات المغربية، في حين تنفي الرباط هذه المزاعم.ورفع المغرب دعاوى ضد وسائل إعلام أوروبية اتهمته ومنها صحيفة "لوموند" الفرنسية المرموقة، ومن جهتها طالبت النيابة العامة في باريس برفض الدعوى لأن الدول لا يمكنها اللجوء إلى القضاء الفرنسي بتهمة التشهير.ويبدو أن الملف ما يزال يلقي بظلال ثقيلة على علاقات المسؤولين في باريس والرباط، ليس فقط باعتبارها ضربة لدرجة الثقة العالية بين دولتين تربطهما علاقات شراكة وثيقة، بل أيضا لما يمكن أن يُفهم من المنظور الفرنسي على أنه مؤشر في تراجع مكانة فرنسا الاستراتيجية بالنسبة للمغرب.فهل تشهد علاقات البلدين بالفعل تغيرات جوهرية وفي أي اتجاه يمكن أن تكون تطوراتها على الصعيدين الثنائي والإقليمي؟خلفيات توتر "صامت"بحكم رصيدها التاريخي والبشري وكثافة مجالاتها باتت علاقات الشراكة بين فرنسا والمغرب تتجاوز الأبعاد التقليدية في علاقات الدول، إذ يعتبر المغرب حليفا تقليديا ثابتا بالنسبة لفرنسا في القارة الأفريقية، ويوجد به أكبر جالية فرنسية في الخارج، وتحظى الشركات الفرنسية (أكثر من ألف شركة) بأفضلية كبيرة في السوق المغربية ولاسيما في القطاعات الأكثر حيوية في الاقتصاد المغربي، ويأتي المغرب ضمن أفضل وجهات سياحية لدى الفرنسيين، بعد إسبانيا واليونان وجزر موريس (المحيط الهندي).كما يحظى المغرب في فرنسا بمكانة خاصة، ففضلا عن كونها تستقبل أكبر جالية مغربية في الخارج (1,5 مليون شخص) وهي ثاني أكبر جالية أجنبية بفرنسا بعد الجزائريين.ولدى باريس والرباط، مداخل كبيرة في التأثير المتبادل على القرار السياسي، فكما لدى فرنسا شبكات نفوذ تقليدية واسعة داخل النخب السياسية والفكرية المغربية، طوّر المغرب عبر التاريخ مراكز نفوذ وجماعات ضغط مؤثرة في السياسة الفرنسية. كما تشكل العلاقات الخاصة والكيمياء بين ملك المغرب وساكن قصر الإليزيه عاملا أساسيا في استقرار علاقات البلدين أو اضطرابها.بيد أن عمق وكثافة العلاقات المغربية الفرنسية، لم يمنع من تعرضها تاريخيا إلى أزمات وكان معظمها في عهد الحكومات الإشتراكية بفرنسا (فرانسوا ميتران مثلا) ومن أهم العناصر المؤثرة في مراحل الاضطراب التي شهدتها العلاقات، ملفات الصحراء المغربية والمصالح الاقتصادية والأمنية.ورغم حساسية ملفي التأشيرات والتجسس، فإن تجاوزها لا يبدو مستعصيا على آليات احتواء المشاكل بين الرباط وباريس، مما يرجح برأي مراقبين وجود عناصر خلافية أخرى أكثر عمقا في بنية العلاقات.ومنذ وصول الرئيس ماكرون للحكم (سنة 2017) شهدت العلاقات حالة تذبذب وتراجع خصوصا بالقياس لفترات نموها في عهد الرئيسين المحافظين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، ويمكن رصد ملامحها في المعطيات التالية:أولا، تراجع مكانة فرنسا كشريك للمغرب: بدأت في السنوات الأولى بوتيرة قوية ظهرت في تطور العلاقات الاقتصادية وضخ استثمارات فرنسية كبيرة في قطاعات أساسية كالصناعة والنقل والسياحة والخدمات. لكن مكانة فرنسا كشريك تجاري واقتصادي تراجعت إلى المركز الثاني، لحساب إسبانيا.ثانيا: تزامن وصول الرئيس ماكرون إلى قصر الإليزيه مع عودة المغرب إلى منظمة الاتحاد الأفريقي بعد قطيعة دامت ثلاثين عاما، وخلال سنوات قليلة قفز المغرب إلى مراكز متقدمة في لائحة الدول المستثمرة في القارة الأفريقية.وما قد يثير فرنسا، كما يقول بعض الخبراء الفرنسيين، ليس تزايد النفوذ المغربي لأن فرنسا نفسها تستفيد منه عندما تعتمد على المغرب كقاعدة نحو السوق الأفريقية، بل أن يتم النشاط المغربي في مناطق نفوذ تقليدي لفرنسا، مثل غرب أفريقيا حيث تتنامى في عدد من دولها نزعات مناوئة لمستعمرها الفرنسي السابق.وثانيا أن يكون جانب من ذلك النشاط ضمن شراكات مع قوى أخرى منافسة لفرنسا في القارة الأفريقية، مثل الدول الخليجية والولايات المتحدة وتركيا. إضافة لمحاور تعاون اقتصادي مغربي أيضا مع كل من الصين وروسيا، أشرس منافسي فرنسا في مناطق نفوذها التقليدي بالقارة السمراء.ثالثا: يميل عدد من المراقبين إلى رصد مظاهر برود فرنسي إزاء خطوة المغرب بتوقيع الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل والولايات المتحدة في اغسطس 2020، وهو برود لا يمكن تصوره كرد فعل إزاء إقدام المغرب على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، بل يمكن فهمه في سياق ملفين حسّاسين بالنسبة لفرنسا وللمغرب في نفس الوقت.الملف الأول يرتبط بتداعيات اعتراف الولايات المتحدة (في عهد إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب) بسيادة المغرب على الصحراء المغربية المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو. وخصوصا تداعيات هذا الاعتراف على الصعيد الأوروبي، إذ كانت الرباط تنتظر من حليفتها التاريخية دعما في إحداث تحول مشابه في الموقف الأوروبي من ملف الصحراء.ولم تبد باريس أي إشارات تجاوب مع الانتظارات المغربية، في الوقت الذي ظهرت فيه تطورات في مواقف شركاء أوروبيين (ألمانيا وإسبانيا) لهم ثقلهم في سياسة الإتحاد الأوروبي إزاء هذا الملف.وفي بداية السنة الحالية، خصص البرلمان الفرنسي جلسة مناقشة لموضوع "حصيلة تحركات فرنسا من أجل احترام القانون الدولي: حالة الصحراء المغربية"، الجلسة تمت بدعوة من الفريق النيابي لليسار وجرت بحضور ممثلين عن جبهة البوليساريو.وخلال الجلسة أكد جون بابتيست لموين، كاتب الدولة الفرنسي في السياحة والفرنسيين وراء البحار والفرنكفونية، أن بلاده تدعو إلى حل سياسي توافقي بين أطراف النزاع، يستند إلى مقررات الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.وشدد المسؤول الفرنسي، على تقيد السياسة الأوروبية (ترأست فرنسا الاتحاد الأوروبي خلال الستة أشهر الأولى من هذا العام) بمقررات محكمة الدول الأوروبية فيما يتصل بعدم سريان اتفاقيات الشراكة المغربية الأوروبية على الصحراء. ولم يتطرق المسؤول الفرنسي عن دعم بلاده التقليدي في مجلس الأمن الدولي لمقترح المغرب بإقامة حكم ذاتي موسع في الصحراء المغربية.وتتسم النبرة الفرنسية الرسمية إزاء ملف الصحراء في الآونة الأخيرة ببرودة ملحوظة، مقارنة بمواقف فرنسا الداعمة تاريخيا للمغرب عسكريا ودبلوماسيا. وهي مواقف طالما تلقت بسببها باريس انتقادات من جبهة البوليساريو والجزائر.وثمة ملف ثان على صلة بتداعيات الاتفاق الثلاثي المغربي الإسرائيلي الأمريكي، فمنذ توقيعه تعمقت الشراكة الاستراتيجية والأمنية بين المغرب وكل من إسرائيل والولايات المتحدة، عبر اتفاقيات استراتيجية ومناورات عسكرية مشتركة واقتناء المغرب لمنتوجات السلاح الأمريكي والإسرائيلي، وصولا إلى تطوير صناعات عسكرية مشتركة إسرائيلية مغربية.وهو اتجاه يصب في بناء تحالف أمني واستراتيجي جديد، في غياب فرنسا، وبمنطقة تعتبرها منطقة نفوذ تقليدي.خلافات مغربية فرنسية في زمن صعبالخلافات بين باريس والرباط، سواء كانت معلنة أو صامتة، تطال ملفات حسّاسة بالنسبة للجانبين، وتأتي في فترة صعبة ومتغيرات دراماتيكية في الأوضاع الإقليمية والعالمية. ففي أوجّ حرب أوكرانيا ارتفعت حدة الاستقطاب أيضا في منطقة شمال أفريقيا، ليس فقط بسبب نزاع الجارين المغرب والجزائر وتزايد شراسة المنافسة بين القوى الغربية من جهة والصين وروسيا من جهة ثانية، بل أيضا بسبب تضارب سياسات الثلاثي: فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.ارتفعت حدة التوتر بين المغرب والجزائر وتداعياته على ملف الصحراء المغربية؛ ورغم تزايد مخاطره المحتملة على أوروبا، اتسمت سياسات العواصم الأوروبية إزاءها بتضارب ملحوظ. وظهرت مؤشرات على عجز أوروبا سواء كتكتّل أو كدول رئيسية مثل فرنسا أو ألمانيا، على القيام بدور مؤثر في تسوية أزمات حسّاسة بجوارها الجنوبي، تكاد تتحول إلى حرب مدمرة على الإقليم وبمثابة قنبلة موقوتة على أمن أوروبا.وقد حذر تقرير للبرلمان الفرنسي صدر في فيبراير شباط الماضي، من احتمال حدوث مواجهة محدودة بين المغرب والجزائر.ففي الوقت الذي تحتاج فيه الدول الأوروبية إلى سياسة مشتركة وخصوصا إزاء القضايا الاستراتيجية الكبرى وملف أمن الطاقة، وهي في أشد الحاجة إليها تحت وطأة الضغوط الروسية، تبدو مواقف فرنسا وإسبانيا أبعد ما يكون عن التوافق أو التنسيق إزاء ملف الخلاف المغربي الجزائري وتداعياته على نزاع الصحراء. كما تتباين سياسات فرنسا وإيطاليا إزاء تطورات الأزمة الليبية.وقد لاحظ الصحفي السويسري الخبير في العلاقات المتوسطية، أندريس ويسلينغ في مقال له بصحيفة "نوير تسوريشه تسايتونغ" في عددها ليوم 27 يوليو 2022، التضارب الشديد في سياسات الثلاثي: فرنسا وإيطاليا وإسبانيا في قضايا حساسة كالأمن والطاقة بشمال أفريقيا.وفي مقاله بعنوان :"Mare nostrum ماري نوستروم – كما كان ذات يوم، يجد الأوروبيون صعوبة في تأكيد مصالحهم في شمال أفريقيا"، الذي ضمنه التسمية الرومانية القديمة لحوض البحر الأبيض المتوسط، معتبرا أن هذه البلدان الأوروبية تنتهج سياسة "المنافسة فيما بينها بدل مفهوم السياسة المشتركة". وأشار إلى تضارب التحالفات والتحركات الفرنسية والإيطالية في الملف الليبي، وإلى تضارب السياستين الفرنسية والإسبانية إزاء نزاع الصحراء.ويرى ويسلينغ بأن الدول الأوروبية الثلاث طالما ألقت باللوم على الشركاء الأوروبيين في الشمال بأنهم لا يقدمون الدعم الكافي لها في مواجهة التحديات الأمنية ومشاكل الهجرة بالبحر الأبيض المتوسط، إلا أن المسؤولية الأكبر في فشل السياسة المتوسطية الأوروبية تقع على الدول الثلاث بسبب نهجها سياسات تقوم على المنافسة إلى حد التضارب.وهو رأي يؤكده الواقع نسبيا، خصوصا في السنوات الأخيرة، بينما كانت دول الشمال الأوروبي، في عقد التسعينيات وبداية الألفين، تضع أولوياتها في شرق أوروبا، قبل أن توجه ألمانيا مثلا بوصلتها نحو القارة الأفريقية.وبرأي محللين فإن تضارب السياسات الأوروبية ساهم في فتح ثغرات استراتيجية في جنوب البحر الأبيض المتوسط، من جهة لقوى منافسة للأوروبيين، كالحلفاء الأمريكيين والإسرائيليين والأتراك، أو المنافسين اللدودين: الصين وروسيا، لإحداث تقدم ملحوظ في شراكاتهم مع دول المنطقة، عبر اتفاقيات عسكرية وأمنية أو عبر صفقات وحضور عسكري، يمتد من شمال أفريقيا إلى جنوب الصحراء الأفريقية.ويشكل الملفان الليبي والمالي، المثالين الأبرز على الاختراق الأمني الذي حققه مرتزقة شركة فاغنر الروسية هناك، وكيف بات يشكل تحديا أمنيا يؤرّق العواصم الأوروبية وتزايدت مؤشرات الضغوط عليها بإعلان فرنسا سحب قواتها وقواعدها في شمال مالي وإنهاء عملية"برخان" لحفظ السلام ومكافحة الجهاديين في منطقة الساحل الأفريقي. كما أعلنت ألمانيا الأسبوع الماضي تعليق عمليات قواتها العسكرية هناك.ومن جهة ثانية، تزايد نزعات دول مثل المغرب والجزائر، لإظهار إستقلاليتها أكثر عن حلفائها التقليديين في أوروبا وعلى رأسهم فرنسا.ووسط سعيها عن كثب للحفاظ على مكانتها في المنطقة أو على الأقل تقليل خسائرها الاستراتيجية، تبدو فرنسا تحت وطأة مزيد من الضغوط، ولاسيما إذا سارت منفردة في غياب سياسة أوروبية منسقة، وقد تحتاج إلى معجزة للحفاظ على لعبة التوازن المعقدة في علاقاتها مع الرباط والجزائر.فالرئيس ماكرون وهو في طريقه نحو الجزائر يواجه تراكمات التاريخ ويحاول فكّ عُقد الحاضر وكسب مصالح جديدة في الطاقة والصناعة وصفقات السلاح، يدرك أن علاقات بلاده الوثيقة تاريخيا مع المغرب تبدو قابلة للإهتزاز في أي وقت تحت وطأة الخلافات حول ملفات حسّاسة هي أشبه بقنابل موقوتة قابلة للانفجار.المصدر: dw



اقرأ أيضاً
توشيح سفير غواتيمالي سابق بالرباط بالوسام الملكي من درجة قائد
تم بمدينة غواتيمالا، توشيح السفير السابق لجمهورية غواتيمالا بالمغرب، إيريك إستواردو إسكوبيدو أيالا، بالوسام الملكي من درجة قائد، والذي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمنحه إياه إثر انتهاء مهمته الدبلوماسية بالمملكة. وقد سلم سفير المغرب بغواتيمالا، طارق اللواجري، الوسام الملكي لإسكوبيدو أيالا، خلال حفل نظم بمقر إقامة المملكة بغواتيمالا يوم الخميس، حضرته شخصيات سياسية ودبلوماسية، من بينهم المديرة العامة للعلاقات الثنائية بوزارة الشؤون الخارجية الغواتيمالية، السيدة لينسي هرنانديز. وحسب بلاغ للتمثيلية الدبلوماسية للمغرب بغواتيمالا، فقد أثنى اللواجري بالمناسبة على المجهودات المهمة التي بذلها السيد إسكوبيدو أيالا طوال فترة عمله بالمملكة، من أجل تعزيز التقارب وأواصر الصداقة بين البلدين. كما أشاد اللواجري بالتطور الإيجابي للعلاقات بين الرباط وغواتيمالا، والمبنية على أسس التعاون البناء والاحترام المتبادل. من جهته، عبر إسكوبيدو أيالا عن شكره لجلالة الملك واعتزازه الكبير بهذا التوشيح. وجدد الدبلوماسي السابق التأكيد على المكانة الخاصة التي تحظى بها المملكة لدى جمهورية غواتيمالا، ودعمها للقضايا الوطنية، وخاصة قضية الصحراء المغربية. وأشاد أيضا بالتطور الكبير الذي شهدته الأقاليم الجنوبية للمملكة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، مجددا التزام بلاده بدعم الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للمغرب، والذي يتجسد من خلال افتتاح قنصلية عامة بمدينة الداخلة، وكذا دعم موقف المملكة في مختلف المحافل والمناسبات الدولية لإيجاد حل للنزاع المفتعل.
سياسة

المغرب وفرنسا يسعيان إلى “تعاون جديد” في الطاقات النظيفة والنقل
يسعى المغرب وفرنسا إلى إرساء "تعاون جديد" في الطاقات النظيفة والنقل بواسطة السكك الحديد، وفق ما أعلن وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير بالرباط ، مؤكدا استعداد باريس لتمويل بنية تحتية لنقل الكهرباء من الصحراء المغربية. وقال لومير عقب اجتماع مع نظيرته المغربية نادية فتاح العلوي "نريد تدشين مرحلة تعاون جديدة في ميدان الطاقة الخالية من الكربون سوف تشمل الهيدروجين الأخضر والطاقة الريحية والشمسية". في وقت لاحق أكد لومير أمام المشاركين في منتدى لرجال الأعمال المغاربة والفرنسيين "سوف تنتجون الطاقة في جهة الداخلة وستحتاجون لنقلها إلى الدار البيضاء، يتعين إذن إنشاء شبكة خطوط كهربائية لنقل هذه الطاقة... أؤكد لكم أننا مستعدون لتمويل هذه البنية التحتية"، وفق ما نقلته وكالة "فرانس برس". ولا يملك المغرب حاليا محطات نووية لإنتاج الطاقة، فيما اكتفت الوزيرة المغربية بالإشارة إلى أن قطاع الطاقات النظيفة "يعبر تماما عن فلسفة هذه الشراكة المتجددة" مع فرنسا. وتطمح المملكة إلى إنتاج 52% من الكهرباء النظيفة في أفق العام 2030. غير أن الطاقات الأحفورية لا تزال تشكل حوالي 90% من استهلاكها الحالي، وتعتمد فيها على الخارج.من جانب آخر أفاد لومير أن الطرفين اتفقا على تشكيل فريق عمل لدراسة التعاون في مجال النقل بواسطة السكك الحديد بما فيه "الخطوط فائقة السرعة". وحظيت فرنسا بصفقة إطلاق أول قطار فائق السرعة في إفريقيا، يصل منذ العام 2018 مدينة طنجة بالدار البيضاء على مسافة 350 كيلومترا. ويرتقب أن يسرع تنظيم المغرب لمونديال 2030 لكرة القدم، مع إسبانيا والبرتغال، إطلاق مشروع ضخم لتوسعة هذا الخط على حوالي 600 كيلومتر حتى مدينة أكادير. وأعلن المكتب الوطني للسكك الحديدية في فبراير فوز شركة صينية بإعداد دراسة أولية لمشروع الخط فائق السرعة بين مراكش وأكادير. لكنه نفى أن تكون صفقة إنجاز المشروع في حد ذاته قد رست على شركة صينية، في سياق حديث وسائل الإعلام المحلية عن منافسة بين باريس وبكين للفوز بهذه الصفقة. ووصل لومير إلى المغرب الخميس في سياق زيارات متعددة لوزراء فرنسيين، منذ مجيء وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه إلى المملكة أواخر فبراير، وذلك لإعادة الدفء لعلاقات البلدين.
سياسة

من بينهم أبدوح ..”كشـ24″ تكشف عن أعضاء المجلس الوطني بالصفة لحزب الاستقلال بمراكش
كشف مصدر مسؤول بحزب الاستقلال عن أعضاء المجلس الوطني للحزب بعمالة مراكش، والذين شاركوا في دورة المجلس الوطني لحزب الاستقلال اليوم الأحد 28 أبريل الجاري، بمدينة بوزنيقة على هامش المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب. ويوجد بين هؤلاء الأعضاء الممثلين بالصفة في المجلس الوطني للحزب، مفتشي الحزب وبرلمانييه، وأعضاء اللجنة التنفيذية وأعضاء اللجنة المركزية وهم محمد طوالة ومريم العربي، ويضيف مصدرنا أنه بالنسبة للمفتشين، فالامر يتعلق بكل من رشيد كروم و مصطفى الماوي ويونس بوسكسو، وعن البرلمانيين فقد حصل كل من البرلماني عبد العزيز الدريوش محمد نجيب الخالدي على عضوية المجلس الوطني وينضاف إليهم عبد الرزاق أحلوش، وعبد اللطيف أبدوح،و احمدخليل بوستة، ومولاي امحمد الخليفة، وسعيدة ايت ابوعلي مليكة العاصمي عن اللجنة التنفيذية للحزب.   وللإشارة فقد شارك مؤتمرون عن مدينة مراكش في المؤتمر الوطني للحزب ببوزنيقة، رغم أعمال العنف والشغب التي طبعت المؤتمر الاقليمي بالمدينة ومنعته من استكماله.
سياسة

“كشـ24” تكشف تفاصيل تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال
كشف مصدر عليم من داخل مؤتمر الاستقلال لـ"كشـ24" أن الأمين العام استقبل ثلاثة قياديين في إطار مشاوراته لوضع لائحة اللجنة التنفيذية للحزب وهم حمدي ولد الرشيد، عبد القادر لكيحل وعبد الواحد الفاسي، لكن العملية لم تنجح وتم تأجيلها. وأكد مصدرنا أن هؤلاء القياديين الثلاثة هم من يمثلون الأطراف الثلاثة التي انبتقت عن المؤتمر والتي وقع بينها الخلاف في الساعات القليلة الماضية، وهم من سيضع لائحة اللجنة التنفيذية التي قوامها 30 عضوا وعرضها على المجلس الوطني، رفقة الأمين العام. وكانت أنباء تحدثت عن استقبال بركة لمجموعة من صقور الحزب ووفودا من الأقاليم وبرلمانيين، غير أن مصادر "كشـ24" فندت هذه الأخبار مشددة على أن التسريبات التي خرجت ظهر اليوم غير دقيقة، وأن اللجنة التنفيذية تأجل انتخابها إلى وقت لاحق. 
سياسة

عاجل.. تأجيل انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال
علمت "كشـ24" من مصادر مطلعة، أنه تقرر في هذه الأثناء تأجيل انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال. واضافت مصادرنا أن الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال نزار بركة قام بعملية تنسيق دقيقة للغاية لإخراج حزب الاستقلال من عنق الزجاجة، لكن الصراع اشتد مادفع إلى تأجيل عملية انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية إلى وقت لاحق.   
سياسة

مرصد يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف
ندد مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان بعمليات الإعدام التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف. وأدان المرصد، في بيان له، التجاوزات التي تطال الحق في الحياة لساكنة مخيمات تندوف، محملا دولة الجزائر وقادة "البوليساريو" مسؤولية هذه الجرائم. وذكر البيان أنه، في تجاهل تام للمخاوف التي عبّرت عنها المنظمات الدولية والتقارير الأممية، بما فيها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، حول تكرار هذه الجرائم، عمدت القوات الجزائرية إلى إعدام ثلاثة شباب مدنيين محتجزين بمخيمات تندوف، ينحدرون من مخيم الداخلة بالقرب من منجم "غار اجبيلات" جنوب تندوف. وطالب المرصد بإحالة منفذي تلك الانتهاكات على العدالة وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، باعتبارها جرائم لا تسقط بالتقادم. كما دعا مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان الجزائر إلى إجراء تحقيق عاجل ونزيه حول ملابسات هذه الجرائم وتحديد المسؤوليات. وعبّر المرصد عن أسفه لاستمرار تسجيل حالات القتل التي ارتكبها الجيش الجزائري في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف، لا يشكلون أي خطر على الأمن والنظام العام، مؤكدا أنه يمكن تصنيف هذه الحالات ضمن جرائم القتل الممنهجة التي يتكرر ارتكابها على مر عقود متتالية بمخيمات تندوف. وأكد المرصد أنه توصل بالعديد من ملفات ضحايا القتل خارج نطاق القانون، أو بإجراءات موجزة أو تعسفا من طرف العناصر الأمنية الجزائرية في حق الساكنة المحتجزة بمخيمات تندوف، مشيرا إلى أن الضحايا تم قتلهم إما رميا بالرصاص أو حرقا حتى الموت. وفي معرض تذكيره بأن الحق في الحياة مكفول بموجب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أشار المرصد إلى أنه لا يجوز التذرع بالظروف الاستثنائية، بما فيها حالة الحرب أو التهديد بالحرب، أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي، أو أية حالة طوارئ أخرى، لتبرير تنفيذ الإعدام خارج نطاق القضاء، أو بإجراءات موجزة أو تعسفا. واستنكر المرصد استمرار سلطات دولة الجزائر في تنفيذ عمليات الإعدام دون أي إجراء قضائي أو قانوني، مشيرا إلى أن دولة الجزائر ملزمة، بموجب القانون الدولي، بالتحقيق في الانتهاكات والإعدامات التعسفية المرتكبة في حق شباب مخيمات تندوف. وأضاف أن أي تخلف من جانب الجزائر في القيام بالتحقيق في عمليات الإعدام هاته يشكل خرقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
سياسة

بعد أزمة القمصان.. الجزائر تقاطع البطولة الإفريقية للجمباز المؤهلة للأولمبياد بمراكش
أعلن الاتحاد الجزائري للجماز عدم مشاركته في البطولة الإفريقية للجمباز المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية المقبلة في باريس 2024، والتي ستنظم بمدينة مراكش في الفترة من 30 أبريل إلى 7 ماي 2024. ووفق المعطيات المتوفرة لـ "كشـ24"، فإن الاتحاد الجزائري للجمباز اكتفى بالقول أنه لم يتم تأكيد ملف مشاركته الذي تم تقديمه إلى وزارة الشباب والرياضة الجزائرية لتنفيذ هذه المهمة. ولم تستبعد مصادرنا أن تكون مقاطعة الجزائر البطولة الإفريقية للجمباز المؤهلة للأولمبياد بمراكش، بسبب أزمة القمصان التي اندلعت في مباراة إياب نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية بعد اعتراض اتحاد العاصمة الجزائري على ارتداء نهضة بركان لأقمصة تحمل خريطة المملكة المغربية، حيث يواصل "كابرانات الجزائر" معاداة الوحدة الترابية للمملكة المغربية ومحاولة استغلال التظاهرات الرياضية لمواصلة استفزازاتها وسعارها ضد المغرب. وكانت الجامعة الملكية المغرية للجمباز قد تقدمت في وقت سابق بطلب لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من أجل احتضان المدينة الحمراء لهذه التظاهرة الرياضية القارية بعد الحصول على التزكية من الاتحاد الافريقي واللجنة الوطنية الأولمبية، وتمت الموافقة على الطلب. وستكون هذه البطولة الافريقية فرصة مواتية للرياضيين المغاربة من أجل البروز على الساحة القارية من خلال تحقيق نتائج مشرفة وحصد بطاقات التأهل إلى الألعاب الأولمبية في العاصمة الفرنسية صيف السنة الجارية.  
سياسة

التعليقات مغلقة لهذا المنشور

الطقس

°
°

أوقات الصلاة

الاثنين 29 أبريل 2024
الصبح
الظهر
العصر
المغرب
العشاء

صيدليات الحراسة